• مع

مع "اليسا في بلاد العجائب"

(المنبر - جوزيفين حبشي)

شارك هذا الخبر

"عفواً ، ولكن ما الإستثنائي أو البطولي لدى اليسا حتى تقدم وثائقيا عن حياتها؟ مش بكير؟"…

سؤال قد يكون راود بعضاً ممن لا يحبون اليسا ربما، ولا فنها أو شخصيتها الجريئة والصريحة، أو ممكن ممن لا يعرفونها ولا يتابعونها اصلا، أو ممن يعتقدون (واعتقادهم صحيح) ان الوثائقيات والسير الذاتية تكون عادة لشخصيات حققت انجازا ما ، وطبعت التاريخ وتركت بصمة وقلبت مفاهيم ، و عاشت قَدَراً إستثنائياً، ويُستخلص من حياتها العِبر والحِكم مثل :
‏when it’s not ok, it’s not the end مثلا.

كل ذلك صحيح ، وثائقيات ومسلسلات وافلام السير الذاتية تفترض شخصيات باقدار مميّزة ومسارات مختلفة وعمر من الخبرات المتراكمة والانجازات الكبيرة.

والأهم أن هذه الوثائقيات لا تناسب كافة الشخصيات العامة من ملوك ورؤساء وزعماء ونجوم في الموسيقى والسينما والازياء والرياضة مرّوا عبر التاريخ.

ببساطة لأن الشرط الاساسي لتتحوّل شخصية ما ،بطلة عمل فني، أن تكون كاريزماتيكية ودرامية تحمل في أعماق روحها وشخصيتها ومسارها وقدرها ، طيّات عديدة وطبقات مختلفة ومحطات دراماتيكية ، تجعلها مثيرة للجدل والاعجاب والاهتمام على حدّ سواء. ومن مثل اليسا يمتلك كافة تلك الشروط؟ من مثل اليسا يمكنه أن يأسرنا ويسمّر عيوننا واحاسيسنا كلها على شاشة من نبض وشغف، ستسحبنا الى عالم "اليسا في بلاد العجائب والاسرار والاحلام والانكسارات والانتصارات " لثلاث ساعات تقريبا من دون أن نتزحزح من مكاننا سوى لنضحك معها ونمسح دموعنا مثلها؟

محبو اليسا المليونيين، وقعوا كلهم في غرام الحلقات الثلاث من الوثائقي It’s Ok الذي بدأت منصة نتفليكس بثه يوم ٢٥ كانون الثاني الجاري، فتحوّل الأكثر مشاهدة بعد أقل من ساعات على بدأ عرضه.


أما " إلى كل اللي ما بحبوا" اليسا، فمن المستحيل أن يمروا مرور الكرام واللامبالاة بهذه الحلقات الثلاث، من دون أن يستوقفهم صدق اليسا وتهزّهم حقيقيتها وتؤثر بهم عفويتها وتلقائيتها وصراحتها وجرأتها وطرافتها ومعاناتها وخيباتها وضعفها وقوتها ووقوعها ووقوفها مجددا، وحنانها وامومتها وجبروتها وطفولتها ونضوجها وشغبها وذكاؤها وارتباطها العميق بالاهل والأب الغائب الحاضر دائما، والاصدقاء، والحنين الدائم للماضي، والرضى عن الحاضر والأمل بالمستقبل، وتقبّل كل ما عاشته بكلمة It’s ok مغطّسة بوجع وايمان ، في كل مرة تتلفّظ بها .


هذا الوثائقي، ورغم تنفيذه المتقن بالشكل والمضمون، والساحر بتنقلاته بالازمنة(ماضي حاضر مستقبل) والمشاعر ( ابتسامات ودموع) والاماكن ( بيروت، باريس، دير الاحمر بلدتها…) من قبل شركة انتاج وفريق عمل ترفع لهم القبعة ( Different Productions للمنتج مازن لحام) ومخرجة ( أنجي جمّال) ادخلتنا بلاد عجائب اليسا واسرارها ومعاركها واعترافاتها وكواليسها ونجاحاتها بكثير من الرقة والشاعرية في صورة متجانسة مع ملكة الرومنسية والاحاسيس، رغم كل ذلك، يبقى الفضل الاول والاخير في نجاحه الى اليسا . اليسا التي ولو جلست جامدة، تروي لنا قصتها،
امام كاميرا ثابتة، لمدة ثلاث ساعات كاملة، لكانت نجحت بأسر انتباهنا ، وتجميدنا أمامها ، وتحريك كل مشاعرنا بصدقها اللامتناهي الذي تسقط أمامه كل الاعتبارات.
هل تستحق اليسا وثائقيا يروي حياتها؟ ومن مثلها أو غيرها يستحق؟ هي التي استطاعت من خلال فنها ومواقفها في الحياة، أن تتحوّل مثالا يُحتذى في الصلابة والقوة والشجاعة ، من خلال مواجهتها للظلم والتنمّر والموت والمرض والخذلان والعلاقات المؤذية والمُحطّمة، ومن خلال اعترافها لنا ان حياتها وحياة والديها لم تكن دائما وردية ومثالية ، وit’s ok”.
من مثلها أو غيرها يستحق هكذا وثائقي، جعلها تتحرر من كل اوجاعها واثقالها بالتحدّث عنها ، فجاء بمثابة علاج نفسي لها في المقام الاول ، ورسالة تمكين لكل أمرأة قد تظن أن الحياة تنتهي مع الاخفاق والفشل والمرض والخسارة، وها هي تمسح دموعها وتقف مجددا مستعدة للتقدّم نحو الأمام ، ما أن تسمع اليسا تقول: " ما في خيار تاني، يا بنجح ، يا بنجح" و
‏when it’s not ok, it ‘s not the
‏end
اليسا التي تعيش اليوم "حالة حب صعب انها تتكرر تاني"، اثبتت لكل من كان يعرفها أو لا يعرفها، أنها نجمة وامرأة وطفلة وانسانة مستحيل أن تتكرر تاني.

آخر الأخبار
GMT

آخر الأخبار
GMT