لعل أبرز ما يجب التوقف عنده في الآونة الأخيرة على المسرح السياسي الداخلي، هو ردود الفعل على الحلقة الأخيرة لرئيس حزب "القوّات اللبنانيّة" سمير جعجع ضمن برنامج "وهلّق شو" عبر "الجديد"، هذه الردود التي لا تزال متواصلة حتى يومنا هذا.
وهنا نحن لسنا في صدد التوقف عند ردود "فرقة الزجيلة" الذين أتحفونا، كل على طريقته، بتغريدات ورديات عن الحسابات والتوقعات السياسيّة، ولكننا نتوقف عند رد رئيس مجلس النواب نبيه بري عبر جريدة "الجمهوريّة" في مقالة للصحافي عماد مرمل، اليوم، حيث قال رداً على سؤال عن نفي "القوات" لصحة معلوماته حول ما يجري على الخط الفرنسي - السعودي - الأميركي: هذا الإنكار لن يغيّر شيئاً في الوقائع. الأمر الأكيد هو انني صادق في كل ما أقوله عن المسار الاقليمي والدولي المواكِب للملف الرئاسي، ثم لا الفرنسيين ولا السعوديين نَفوا ما صدر عني في شأن موقف الرياض حيال ترشيح فرنجية، ولذا فإنّ نفي القوات اللبنانية لا يؤخّر.
يتكلّم رئيس المجلس عن واقع، وعن صحّة معلوماته، ويتكّلم عن أن لا فيتو سعودي على ترشيح رئيس "تيار المردة" سليمان فرنجيّة. وهنا نسأله ما دام كل هذا مؤمن وقد تحوّل إلى "واقع" فلماذا لم تعيّن بعد جلسة لإنتخاب الرئيس تعمد إلى إيصال مرشّحك سليمان فرنجيّة إلى الرئاسة؟ هذا شيء ولكن أن تدعي أنه لم يصدر أي موقف من الفرنسيين او السعوديين ينفي ما تدعيه، فهذا شيء آخر تماماً، فإما أنك لا تتابع الصحافة أو أن من يتابع الصحافة عنك لم يفدك بالموقف الصادر عن وزارة الخارجيّة الفرنسيّة في 20 نيسان الماضي أي منذ أسبوعين فقط بعيد قيادتك للحملة التسويقيّة للإتفاق الدولي الإقليمي المزعوم الذي سيوصل فرنجيّة إلى سدّة الرئاسة، والرد أتى على لسان المتحدث باسم وزارة الخارجيّة الفرنسيّة كلير لوجاندر الذي قال حرفياً: "ليس لدينا أي مرشح في لبنان لرئاسة الجمهورية، وعلى اللبنانيين اختيار قادتهم". أوليس هذا الموقف بمثابة نفي لكل ما تدعيه؟
لنضع هذا الموقف جانباً، فالسياسة متسارعة والتموضعات تتغيّر، ولكن ألم يفدوك المحيطين بك بالمقال الذي صدر بالأمس في صحيفة "لو فيغارو" الفرنسيّة للكاتب والجيوسياسي الفرنسي رينو جيرار؟ وبما أنك على اتصال مباشر مع الفرنسيين والمفترض أنكم "عم تطبخوها سوا" ألم تفدك مصادرك الفرنسيّة أن الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون قد استفز كثيراً من المقال المذكور الذي يفضح مكامن المسعى الفرنسي لإيصال فرنجيّة، وقد سارع الى إبلاغ مساعديه بضرورة البحث سريعاً عن البديل لفرنجية، خوفاً من إنضاج تفاهم دولي إقليمي حول الرئيس العتيد، دون الأخذ بالإعتبار أي مشاركة فرنسية في هذا التفاهم؟
عن أي واقع دولي أو إقليمي تتكلّم يا دولة الرئيس؟ أولم يبلغوك منتصف الأسبوع الماضي عن تأجيل زيارة الموفد القطري الوزير محمد عبد العزيز الخليفي الى بيروت بعد سلسلة اتصالات قام بها مع ممثلي الدول الخمس ولم يلمس جديداً؟ أولم يبلغوك يا دولة الرئيس عن تبدّلات كبيرة في المعطيات الدوليّة والإقليميّة، أحدثها الدور السعودي بصلابته وثباته؟
عن أي واقع تتكلّم يا دولة الرئيس؟ أنت تتهم رئيس "القوّات" بأنه نقل أجواءً مغلوطة عن الدور والموقف السعودي أولم يبلغوك أن الاتصالات على خط باريس – الرياض لم تتوقف خلال الأيام الماضية؟ وأن مستشار الديوان الملكي نزار العلولا والسفير وليد بخاري هما من أجريا هذه الاتصالات والمشاورات مع المسؤولين الفرنسيين، وتحديداً مع مستشار الرئيس الفرنسي باتريك دوريل؟ أولم يبلغوك أجواء هذه الإتصالات؟ أولك يبلغوك عن التبدل الحاصل في موقف باريس حيال دعمها لرئيس "المردة"؟ أولم تطلّع في هذا الإطار على بيان وزارة الخارجية الأميركية وما حمله من رسائل مبطّنة عمن تريده باريس رئاسياً؟
دولة الرئيس، إن كل ما أوردناه من معلومات تتقاطع ما بين كتاب وصحف ومواقع إلكترونيّة وهي متاحة للجميع للوصول إليها، وليست سرّاً أبداً. فمن يريد أن يقيم حساباته على "واقع" عليه بالإطلاع.
دولة الرئيس تدعي أن "جعجع يبدو متوتراً هذه الأيام"، "صدقني دولتك" الحقيقة ليست كذلك أبداً، وأطمئنك على أنه ليس متوتراً وإنما غاضب جداً بسبب المكان الذي أوصلتم البلاد إليه كفريق سياسي وهو فريق "محور الممانعة"، وتعطيلكم لإنتخابات الرئاسة لمدّة ستّة أشهر حتى الساعة وفي كل مرحلة تبنون مبرّر تعطيلكم على الكذب. أين التوافق الذي غطيتم وشاركتم في تعطيل النصاب لأجله يا دولة الرئيس؟ اين موقفكم من أن مرشّحنا هو مرشّح تحد والمطلوب مرشّح توافقي؟ هل سليمان فرنجيّة مرشّح توافق؟ قلناها يومها أنكم تعطلون لأنكم عاجزون ونكرّرها اليوم وبغض النظر عن كل ما تدعونه..
أنتم عاجزون عن إيصال مرشّحكم و"ع بعبدا ما بتفوتوا هالمرّة بعبدا النجم الما بينطال".
