• أطفال لبنان بخطر.. 5 جرائم عنف واغتصاب وإطلاق نار في أيام معدودة

أطفال لبنان بخطر.. 5 جرائم عنف واغتصاب وإطلاق نار في أيام معدودة

(الحرة - حسين طليس)

شارك هذا الخبر

شهد لبنان خلال الأيام الماضية، ارتفاعاً واضحاً في نسبة الانتهاكات المسجلة بحق أطفال، تنقلت بين مناطق وبيئات اجتماعية مختلفة، وتعددت بالشكل والأسلوب والهدف، وبلغت مستويات خطرة وبشعة، لتسلط مزيد من الأضواء على الواقع المتردي للأطفال في لبنان الذي يعاني أزمات اقتصادية واجتماعية متعددة، ارتدت سلباً على الفئات الاجتماعية الأكثر ضعفاً وتهميشاً.

5 حالات عنف ضد أطفال سجلت في 3 أيام، أحدثها تكشفت تفاصيلها خلال إعداد هذا التقرير، حيث أعلنت قوى الأمن الداخلي في لبنان، صباح اليوم الخميس 25 أغسطس، إلقاء القبض على أب بعدما قام بتكبيل أطراف طفله البالغ من العمر سنة واحدة، وتكميم فمه بشريط لاصق والاعتداء عليه بالضرب.

وكانت القوى الأمنية قد تحركت على أثر انتشار صورة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، تُظهِرُ الطفل مكبلاً، حيث أعطيت الأوامر على الفور للعمل على كشف ملابسات القضية، بحسب قوى الأمن، وتم تحديد هوية الطفل، من الجنسية السورية عمره /8/ أشهر، مقيم مع ذويه في بلدة مدوخا / قضاء راشيا، حيث جرى القاء القبض على والده، ع. ع. ن. (مواليد عام 1992، سوري الجنسية)، وبالتحقيق معه، اعترف بما نسب إليه لجهة تعنيف ولده بسبب انزعاجه من صوته، كما ادّعت زوجته ضده بجرم تعنيف ابنه، وتعنيفها بالضرب لمرّات عدّة.

بالأمس أيضاً كان اللبنانيون على موعد مع مشهد عنف تقشعر له الأبدان، لآثار جلد وضرب وحشي أقدم عليه المدعو م. ب. بحق ولده القاصر في بلدة الشواليق في قضاء جزين. حيث قامت شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي اللبناني بالتحري والاستقصاء عن معلومة توافرت حول واقعة التعذيب، نفذت على إثرها مداهمة لمنزل المشتبه به وأوقفته، ووثّقت بالصّور آثار التعذيب والتعنيف.

واعترف المعتدي، وهو من الجنسية السورية مواليد العام 1985، بما نسب إليه لجهة قيامه بجلد ابنه القاصر، مواليد 2009، بواسطة خرطوم مياه، حيث أجري المقتضى القانوني بحقّه، وأودع المرجع المعني، بناءً على إشارة القضاء المختص.

أما أغرب الأحداث المسجلة شهدتها بلدة المرج البقاعية، حيث أقدم مدير مدرسة، ويدعى ع. ع.، على إطلاق النار من بندقية "بومب أكشن" على مجموعة من الأطفال كانوا يقيمون سهرة نار بجانب المدرسة، دخلوا من بعدها إلى ملعب كرة السلة التابع للمدرسة ليلعبوا، فـ "أزعجوا المدير" الذي بادر فوراً إلى إطلاق عدة أعيرة نارية باتجاههم دون أن يصيب أحداً، ليتباهى بفعلته قبل أن يتوارى عن الأنظار حيث تقدم أهالي الأطفال بادعاءات ضده.
واقعة أخرى، شكلت صدمة للرأي العام اللبناني سجلتها الأيام الماضية أيضاً، بعدما تكشفت ملابسات جرائم اغتصاب وتحرش متسلسلة أقدم عليها الشقيقان تيمور وأصلان ش. ف.، على مراحل زمنية متلاحقة في بلدة المحيدثة في منطقة البقاع الغربي، بحق عدد من الأطفال اللبنانيين والسوريين في البلدة.
هذه الجرائم تكشفت بعد شكوى تقدم بها والد أحد الأطفال الذي أفصح لأهله عما تعرض له من اعتداءات جنسية، على يد الشابين، وبعد توقيفهما من قبل السلطات اللبنانية، تبين توثيقهما لأفعالهما بصور ومقاطع فيديو على هواتفهما، تظهر عمليات اغتصاب الأطفال، كذلك أظهرت التحقيقات متورطين آخرين وحالات اعتداءات جنسية على ضحايا آخرين وحيوانات.
زاد من تفاعل القضية الحديث عن تدخلات لنافذين في المنطقة من أجل حماية الشابين والإفراج عنهما، الأمر الذي أثار ردود فعل مستنكرة ومطالبات بتشديد العقوبات على المرتكبين وعدم الإفلات من العقاب، من أجل تحقيق العدالة للضحايا.

وأعادت القضية التذكير بقصة أخرى شهدتها بلدة القاع اللبنانية، مطلع شهر يوليو الماضي، حيث أقدم عسكري متقاعد على ارتكاب سلسلة اعتداءات على أطفال، أوقف بسببها من قبل السلطات اللبنانية، في قضية أطلق عليها اسم "قضية سفاح الأطفال"، وشهدت بدورها أيضاً تدخلات ذات طابع سياسي وديني، بهدف التغطية على الموضوع وعدم اثارته، قوبل في حينها باستنكار واسع وتحركات اعتراضية في الشارع قام بها نواب ونشطاء وحقوقيون في بيروت.
أتت كل تلك الأحداث فيما اللبنانيون لم يتجاوزوا بعد الصدمة التي تسبب بها مقطع مصور يظهر أحد مشغّلي الأطفال في مخيمات النازحين السوريين، يلقب بـ "الشاويش"، وهو سوري الجنسية أيضا، يقوم بالاعتداء بالضرب والتعنيف على مجموعة من الأطفال في حقل زراعي في بلدة غزة في محافظة البقاع، بسبب مطالبتهم له بعطلة عن العمل.

Share on Facebook
Share on Twitter
Share on WhatsApp
عربي ودولي
أطفال لبنان بخطر.. 5 جرائم عنف واغتصاب وإطلاق نار في أيام معدودة
حسين طليس - بيروت
25 أغسطس 2022
صورة أرشيفية تظهر رسمات لطفلين سوريين كانا عارضاها للبيع في بيروت
صورة أرشيفية تظهر رسمات لطفلين سوريين كانا عارضاها للبيع في بيروت
شهد لبنان خلال الأيام الماضية، ارتفاعاً واضحاً في نسبة الانتهاكات المسجلة بحق أطفال، تنقلت بين مناطق وبيئات اجتماعية مختلفة، وتعددت بالشكل والأسلوب والهدف، وبلغت مستويات خطرة وبشعة، لتسلط مزيد من الأضواء على الواقع المتردي للأطفال في لبنان الذي يعاني أزمات اقتصادية واجتماعية متعددة، ارتدت سلباً على الفئات الاجتماعية الأكثر ضعفاً وتهميشاً.

5 حالات عنف ضد أطفال سجلت في 3 أيام، أحدثها تكشفت تفاصيلها خلال إعداد هذا التقرير، حيث أعلنت قوى الأمن الداخلي في لبنان، صباح اليوم الخميس 25 أغسطس، إلقاء القبض على أب بعدما قام بتكبيل أطراف طفله البالغ من العمر سنة واحدة، وتكميم فمه بشريط لاصق والاعتداء عليه بالضرب.


وكانت القوى الأمنية قد تحركت على أثر انتشار صورة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، تُظهِرُ الطفل مكبلاً، حيث أعطيت الأوامر على الفور للعمل على كشف ملابسات القضية، بحسب قوى الأمن، وتم تحديد هوية الطفل، من الجنسية السورية عمره /8/ أشهر، مقيم مع ذويه في بلدة مدوخا / قضاء راشيا، حيث جرى القاء القبض على والده، ع. ع. ن. (مواليد عام 1992، سوري الجنسية)، وبالتحقيق معه، اعترف بما نسب إليه لجهة تعنيف ولده بسبب انزعاجه من صوته، كما ادّعت زوجته ضده بجرم تعنيف ابنه، وتعنيفها بالضرب لمرّات عدّة.

بالأمس أيضاً كان اللبنانيون على موعد مع مشهد عنف تقشعر له الأبدان، لآثار جلد وضرب وحشي أقدم عليه المدعو م. ب. بحق ولده القاصر في بلدة الشواليق في قضاء جزين. حيث قامت شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي اللبناني بالتحري والاستقصاء عن معلومة توافرت حول واقعة التعذيب، نفذت على إثرها مداهمة لمنزل المشتبه به وأوقفته، ووثّقت بالصّور آثار التعذيب والتعنيف.


واعترف المعتدي، وهو من الجنسية السورية مواليد العام 1985، بما نسب إليه لجهة قيامه بجلد ابنه القاصر، مواليد 2009، بواسطة خرطوم مياه، حيث أجري المقتضى القانوني بحقّه، وأودع المرجع المعني، بناءً على إشارة القضاء المختص.

أما أغرب الأحداث المسجلة شهدتها بلدة المرج البقاعية، حيث أقدم مدير مدرسة، ويدعى ع. ع.، على إطلاق النار من بندقية "بومب أكشن" على مجموعة من الأطفال كانوا يقيمون سهرة نار بجانب المدرسة، دخلوا من بعدها إلى ملعب كرة السلة التابع للمدرسة ليلعبوا، فـ "أزعجوا المدير" الذي بادر فوراً إلى إطلاق عدة أعيرة نارية باتجاههم دون أن يصيب أحداً، ليتباهى بفعلته قبل أن يتوارى عن الأنظار حيث تقدم أهالي الأطفال بادعاءات ضده.


واقعة أخرى، شكلت صدمة للرأي العام اللبناني سجلتها الأيام الماضية أيضاً، بعدما تكشفت ملابسات جرائم اغتصاب وتحرش متسلسلة أقدم عليها الشقيقان تيمور وأصلان ش. ف.، على مراحل زمنية متلاحقة في بلدة المحيدثة في منطقة البقاع الغربي، بحق عدد من الأطفال اللبنانيين والسوريين في البلدة.


هذه الجرائم تكشفت بعد شكوى تقدم بها والد أحد الأطفال الذي أفصح لأهله عما تعرض له من اعتداءات جنسية، على يد الشابين، وبعد توقيفهما من قبل السلطات اللبنانية، تبين توثيقهما لأفعالهما بصور ومقاطع فيديو على هواتفهما، تظهر عمليات اغتصاب الأطفال، كذلك أظهرت التحقيقات متورطين آخرين وحالات اعتداءات جنسية على ضحايا آخرين وحيوانات.
زاد من تفاعل القضية الحديث عن تدخلات لنافذين في المنطقة من أجل حماية الشابين والإفراج عنهما، الأمر الذي أثار ردود فعل مستنكرة ومطالبات بتشديد العقوبات على المرتكبين وعدم الإفلات من العقاب، من أجل تحقيق العدالة للضحايا.


وأعادت القضية التذكير بقصة أخرى شهدتها بلدة القاع اللبنانية، مطلع شهر يوليو الماضي، حيث أقدم عسكري متقاعد على ارتكاب سلسلة اعتداءات على أطفال، أوقف بسببها من قبل السلطات اللبنانية، في قضية أطلق عليها اسم "قضية سفاح الأطفال"، وشهدت بدورها أيضاً تدخلات ذات طابع سياسي وديني، بهدف التغطية على الموضوع وعدم اثارته، قوبل في حينها باستنكار واسع وتحركات اعتراضية في الشارع قام بها نواب ونشطاء وحقوقيون في بيروت.

بيروت
بعد التكهنات.. مصادر لبنانية تكشف لـ"الحرة" تفاصيل قضية "سفّاح الأطفال"
لليوم الثاني على التوالي، يحتل وسم "#سفاح_الأطفال" لائحة الأكثر تداولا على موقع تويتر في لبنان، بعدما ضجت البلاد بقصة اغتصاب متسلسل طال عددا من الأطفال في بلدة القاع ضمن محافظة بعلبك – الهرمل شمال شرق لبنان، على الحدود مع سوريا.
أتت كل تلك الأحداث فيما اللبنانيون لم يتجاوزوا بعد الصدمة التي تسبب بها مقطع مصور يظهر أحد مشغّلي الأطفال في مخيمات النازحين السوريين، يلقب بـ "الشاويش"، وهو سوري الجنسية أيضا، يقوم بالاعتداء بالضرب والتعنيف على مجموعة من الأطفال في حقل زراعي في بلدة غزة في محافظة البقاع، بسبب مطالبتهم له بعطلة عن العمل.

الفيديو أثار مطالبات بإنزال أشد العقوبات بالفاعل
معذّب الأطفال السوريين في لبنان.. "رق واستعباد" وعدة جرائم في فيديو واحد
الفيديو أثار مطالبات بإنزال أشد العقوبات بالفاعل
تحذيرات أممية
تسارع تسجيل هذا النوع من الأحداث، سلط الأضواء مجدداً على ما سبق أن حذرت منه الأمم المتحدة ومنظمة اليونيسف والمنظمات الإنسانية والمعنية بحماية الأطفال، من أن يصبح الأطفال الحلقة الأضعف لدوامة العنف المتنامية في لبنان، وهو ما بات يظهر اليوم أكثر وضوحاً في ظل تسارع الانتهاكات.

وكان قد صدر بيان، مطلع شهر يوليو الماضي، عن ممثل "يونيسيف" في لبنان إدوارد بيجبيدر قال فيه إن "المعلومات والتقارير التي يتم تداولها مؤخراً في وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي عن ممارسات عنفية جنسية وجسدية جسيمة بحقّ الأطفال، هي مؤشر إضافي إلى تزايد مظاهر العنف ضد الأطفال في لبنان".

وناشدت "يونيسيف" الأسر والمجتمعات والسلطات المحلية توفير السلامة والرفاه للأطفال والشباب، ودعت الجميع إلى كسر حاجز الصمت بشأن إساءة معاملة الأطفال ودعم حقهم في الحماية، حتى يتمكن كل طفل من العيش في بيئة آمنة خالية من العنف.

كما دعت إلى حماية خصوصية الأطفال الناجين من العنف، وشددت على ضرورة ألاّ يتم نشر معلومات متعلقة بهؤلاء الأطفال، بما في ذلك الأسماء والصور ومقاطع الفيديو التي تحتوي على مشاهد عنيفة؛ لأن نشر هذه المواد والمعلومات قد يزيد خطر وصم الأطفال وأسرهم اجتماعياً.

وأكدت "يونيسيف" مواصلتها دعم الأطفال وتمكين الأسر وتعبئة المجتمعات لضمان حماية جميع الأطفال والمراهقين والنساء، خصوصاً الأكثر ضعفاً، من العنف والاستغلال وسوء المعاملة والإهمال، وفقاً للإطار القانوني والسياسي الوطني وبحسب المعايير الدولية.

وفي شهر ديسمبر الماضي، صدر عن اليونيسف تقريراً يفيد أن طفلا من بين كل طفلين في لبنان معرض لخطر العنف الجسدي أو النفسي أو الجنسي، في الوقت الذي تكافح فيه الأسر لمواجهة الأزمة المتفاقمة في البلاد.

ويشير التقرير إلى أن حوالي 1.8 مليون طفل، أي أكثر من 80 في المائة من الأطفال في لبنان، يعانون من فقر متعدد الأبعاد، بعد أن كان العدد حوالي 900,000 طفل في عام 2019 .

وفي شهر نوفمبر الماضي أيضاً، حذّرت "اليونيسف" من أن "مستقبل جيل كامل من الأطفال في لبنان على المحك جراء تفاقم تداعيات الانهيار الاقتصادي عليهم، من نقص في التغذية والرعاية الصحية، وارتفاع في معدل العمالة في صفوفهم".

وأظهرت الدراسة التي أجرتها المنظمة على مدى ستة أشهر أن "مئات آلاف الأطفال في لبنان معرضون للخطر"، متحدثة عن تراجع دراماتيكي في أسلوب عيش الأطفال اللبنانيين فيما لا يزال الأطفال اللاجئون يرزحون تحت "وطأة الضرر الكبير"، كما ظهر أن عدد الأسر التي أرسلت أطفالها إلى العمل ارتفع من 9 في المئة إلى 12 في المئة."

زيادة في التبليغ.. ارتفاع في الوعي
ترى مسؤولة وحدة حماية الاطفال في منظمة "كفى"، ماريا سمعان، أن الأزمة الاقتصادية وتداعياتها زادت من وتيرة العنف ضد الأطفال، حيث زاد التدهور المعيشي وضغط الهموم الحياتية من حدة التوتر داخل الأسر، "هناك أطفال ينامون وهم جائعين وأهلهم عاجزين عن إطعامهم، فيما مستوى التوتر والقلق والاكتئاب يسجل ارتفاعات قياسية في المجتمع اللبناني، وهو ما ينعكس على التعامل مع الأطفال، حيث زاد من مستوى العنف والمستوى الذي يبلغه."

وتشرح أن الفئات المستضعفة، ومن بينهم الأطفال، كانوا الأكثر تأثراً بالأزمة، حيث زادت هشاشتهم، واستضعفوا أكثر، خاصة وأن الأطفال لا يستطيعون تأمين حاجاتهم وتحصيل حقوقهم، وانما بحاجة إلى راشد معهم، ومجهود من الأهل والدولة لحمايتهم لكونهم الأكثر ضعفاً.

في الوقت نفسه هناك أنواع أخرى من العنف زادت كثيراً بفعل الأزمة، بحسب سمعان، لاسيما ظاهرتي التزويج المبكر للقاصرات، وعمالة الأطفال، بسبب الضائقة الاقتصادية، التي انعكست أيضاً ارتفاعاً في مستويات التسرب المدرسي للأطفال، حيث تعجز العائلات عن تحمل تكاليف تعليم أطفالها.

وفي تعليقها لموقع "الحرة" على ارتفاع نسبة الانتهاكات المسجلة بشكل قياسي خلال الأيام الماضية، توضح سمعان، أن "وتيرة العنف ضد الأطفال في لبنان لطالما كانت مرتفعة، من قبل الأزمة الاقتصادية، لكن ما تغير اليوم برأيي، أن الناس باتت تمسك هواتفها وتوثق حالات العنف والانتهاكات وتقوم بالتبليغ عنها، وهذا ما لم يكن موجوداً من قبل، وهذا يعكس زيادة في الوعي العام تجاه حماية الأطفال وقضاياهم، ما انعكس مزيداً من ظهور لهذه القضايا على العلن عبر وسائل التواصل وفي الإعلام."

وإذ تتفق المتخصصة في حماية الأطفال في منظمة Save the Children ، فرح بربر، مع سمعان على أن ارتفاع نسبة التبليغ يدل على زيادة الوعي الاجتماعي حول هذا الجانب، تشدد على سلامة الأسلوب والطريقة التي يجري فيها بالتبليغ او مساعدة الأطفال، خصوصاً في الإعلام وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، "يجب ان نعلم ما هي المعلومات التي يمكن نشرها حول قضايا الأطفال، وتلك التي لا يمكن نشرها حيث تشكل انتهاكاً آخر بحق الأطفال، كإظهار وجوههم مثلاً في الفيديوهات او الصور.

غياب لنظام الحماية
وتوضح بربر أن النتائج التي تسجل اليوم، كانت متوقعة بسبب الأزمة، لناحية ازدياد حالات العنف ضد الأطفال، إن من ناحية الأهل أو من ناحية المجتمع، خاصة مع التراجع الكبير على صعيد الصحة النفسية للأهل وللأطفال على حد سواء، وعدم قدرة الأهل على تأمين احتياجاتهم واحتياجات أطفالهم زاد من الضغط النفسي الذي يؤدي إلى زيادة في اللجوء إلى العنف.

"زيادة الاستغلال كان من المتوقع أن يحصل، عمالة الأطفال أيضاً" بحسب ما تؤكد بربر، "حتى العنف في المدارس في ظل الواقع التربوي والمعيشي للأساتذة، هذا كله يشكل ضغطاً، لكن ليس هو المسؤول الوحيد في ظل غياب نظام الحماية الاجتماعية للأطفال."

وعلى الرغم من وجود قانون في لبنان لحماية الأطفال، وقانون حماية الأحداث رقم 422\2002، لا يشكل في المقابل رادعاً بدليل تكرار وتسارع الأحداث، لاسيما في ظل كل ما يحصل من فوضى اجتماعية وأمنية وسياسية في البلاد نتيجة الأزمة الاقتصادية القائمة منذ العام 2019، والتي صنفت من الأسوأ في تاريخ العالم، حيث "لا تطبق هذه القوانين بالشكل اللازم" وفق بربر.

وتشرح المتخصصة في حماية الأطفال، أن هناك نسبة كبيرة من الأطفال الذين لا يعرفون بوجود أماكن يلجؤون إليها عند تعرضهم للعنف، لطلب الحماية أو الدعم، وهناك أطفال يعرفون انهم بخطر ولكن لا يعرفون أن هناك قانون وجمعيات وجهات في لبنان قادرة على حمايتهم وتحصيل حقوقهم، حتى المجتمع بشكل عام في بعض المناطق لا يعلم أيضاً بوجود هذه القوانين وهذه الجهات التي تؤمن الحماية والدعم.

وتلفت بربر إلى دور تلعبه الثقافة الاجتماعية السائدة، والتي تبرر العنف والضرب كنوع من التربية والتأديب، "وهذا من أول الأمور التي نعمل عليها، ولكنها في الوقت نفسه من أصعب الأمور التي نواجهها المتعلقة بتغيير السلوك الاجتماعي المحكوم بالعادات والتقاليد، فصحيح أننا نحقق اليوم نتائج، لكن التغيير الحقيقي ننتظره في الأجيال المقبلة وما بعدها، خصوصاً وان أساليب التربية في لبنان عموماً لا تقوم على منهج علمي، ولا تخضع للتوعية اللازمة رغم الجهود المبذولة."

قانون فضفاض.. وقضاء معطل
وفيما تتحرك القوى الأمنية فوراً في لبنان عند وجود أي انتهاك او جرم مشهود ضد أطفال، وفق ما ينص القانون، تلفت سمعان إلى أن معاناة الجمعيات والجهات العاملة على حماية الأطفال تتركز في القضاء.

وتشرح "نصل بالقضية إلى القضاء، ونطلب حماية الطفل، حسب قانون حماية الأحداث، الذي يعتبر في المادة 25 منه، أن الحدث (الطفل) معرض للخطر، إذا وجد في بيئة تعرض أمنه وسلامته وصحته النفسية والجسدية والجنسية والعاطفية للخطر".

لكن هذه المادة فضفاضة جداً، بحسب سمعان، "ففي تفاصيلها، وفي الشق المتعلق بالعنف الجسدي ضد الأطفال، يرد في المادة أنه "يسمح للأهل بتأديب أطفالهم بما يتيحه العرف العام"، وهذا ما يعطي صلاحية استنسابية كبيرة جداً للقاضي، وفق ما ترى، وبالتالي يمكن أن تختلف على الأراضي اللبنانية أحكام القضاء الصادرة، "هناك قضاة قد يرون ضربة كف تستدعي حماية، فيما قضاة آخرون قد يجدونها تأديباً يبيحه العرف العام."

وفي هذا الشأن تشدد من جهتها بربر على أن لا مبرر للتساهل القضائي مع حالات التعنيف، "في القانون منصوص على أن كل ما يؤثر على صحة وسلامة الطفل، تتدخل الجهات المعنية، ما يعني أنه يحق اعتماد أساليب التربية وفقاً للأعراف الاجتماعية، ولكن بشرط أن لا يؤثر على سلامة وصحة الطفل. وبالتالي الأهم هنا هو عامل التوعية، توعية الطفل على حقوقه، وتوعية الأهل والمجتمع على ما هو ممنوع ومسموح وفق مصلحة الطفل وسلامته."

ويعاني الأطفال والفئات المهمشة عموماً، من تعطل القضاء بفعل إضراب القضاة القائم في لبنان للمطالبة بتحسين أوضاعهم المعيشية ورواتبهم بعدما تآكلت بفعل الانهيار المالي لليرة اللبنانية، حيث لم يعد من الممكن، بحسب مسؤولة وحدة حماية الاطفال في منظمة "كفى"، لامرأة أو لطفل يتعرضون للعنف، التقدم بشكاوى أمام قضاء العجلة لحمايتهم، "وبالتالي الحماية القضائية في لبنان اليوم وضعها سيء جدا، وكافة الجمعيات العاملة على قضايا الحماية في لبنان ترفع الصوت بوجه الاعتكاف القضائي الذي يؤثر على طلبات الحماية"، وفق سمعان.

المتابعة ضرورية
ولا تقتصر معاناة الأطفال في لبنان على ما يتعرضون له بشكل مباشر، بل تتعداه إلى ما بعد الحادث حيث لا تحصل نسبة كبيرة منهم، لاسيما الأكثر فقراً وتهميشاً، على المتابعة اللازمة لتحصيل حقوقهم وتجاوز أزماتهم.

وفي هذا السياق تشدد سمعان على أن أي طفل يتعرض لعنف، مهما كان نوعه، يتطلب متابعة على 3 أصعدة، قانونية نفسية واجتماعية، مشددة على أن "المتابعة القانونية ضرورة، ولكن لا يلجأ إليها جميع الناس، فليس كل من يبلغ تصل قضيته إلى الإعلام وتحظى بمتابعة خاصة تحرك القضاء، وعادة الناس يخافون من اللجوء إلى القانون، خاصة إذا ما تحدثنا مثلاً عن الأطفال السوريين في لبنان، حيث يبلغون عن تعرضهم للعنف، لكنهم يخافون طلب الحصول على الحماية بسبب أوضاعهم القانونية في البلاد لناحية الأوراق والإقامات وغيرها."

وبعد المتابعة القانونية اللازمة لتأمين الحماية للطفل، يحتاج إلى متابعة نفسية ضرورية جداً للطفل، بحسب سمعان "إذ لا يكفي تأمين الحماية فيما يعاني الطفل من التبعات النفسية للعنف والصدمة الناتجة عنه، وهناك أيضاً الحاجة للتدخل الاجتماعي والمساعدة الاجتماعية، لتمكين الطفل، وبناء قدراته على المواجهة في الحياة، ولتمكين عائلته أو المسؤولين عنه من لعب دورهم الأساسي في الحماية والرعاية للطفل."

المشكلة "أكبر بكثير"
تأسف بربر لكون الانتهاكات الظاهرة والأرقام المسجلة للانتهاكات ضد الأطفال أقل بكثير من الواقع، حيث إن هناك كثير من الحالات التي لا يتمكن أحد من توثيقها او تسجيلها او العلم بها، "لاسيما خلال وبعد جائحة كوفيد 19 والحجر الصحي وتوقف المدارس والأنشطة للأطفال، حيث زادت حالات العنف بشكل كبير وانخفض التبليغ عن الأمر بشكل كبير أيضاً، فيما بات هناك عوائق في الوصول إلى الحالات الأكثر هشاشة وعرضة للخطر."



آخر الأخبار
GMT

آخر الأخبار
GMT