• مشاركة زيلينسكي في القمة العربية.. رسائل مشفرة

مشاركة زيلينسكي في القمة العربية.. رسائل مشفرة

(الوكالة المركزية - يولا هاشم)

شارك هذا الخبر

بشكل مفاجئ وغير متوقع، حطّ الرئيس الاوكراني فولوديمير زيلينسكي في السعودية للمشاركة في القمة العربية الـ32 وشكل صدمة للكثيرين، بمن فيهم روسيا، وتفاوتت الردود بين الايجابي والسلبي. لكن ماذا في خفايا وخلفيات هذه الزيارة؟

المحلل السياسي الدكتور خالد العزي يقول لـ"المركزية": "تميزت القمة العربية هذا العام والتي حملت عنوان "الاتحاد العربي" بالمفاجآت، سمعنا في كلمة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ان العالم العربي يجب ان يتحد لأن العالم يمر بأزمة كونية وإعادة كتابة الخارطة الجيوسياسية مجددا. من هنا ،فإن حرب اوكرانيا، بغض النظر مَن المنتصر او الخاسر، ستكتب الخطوط العريضة وطبيعة الجغرافيا الجديدة للعالم. والعالم العربي جزء منه، لذلك بدأ بن سلمان بمصالحة داخلية مع الدول العربية والاقليمية على قاعدة تصفير المشاكل تحت مفهوم الخطة لمشروع عربي جديد ضمن هذه الخارطة على الصعيد السياسي وعلى صعيد تأمين التنمية المستدامة ضمن خطة بن سلمان 2030، من هنا جاءت دعوة زيلينسكي".

ويضيف: "كان يتوقع العرب ان يرسل زيلينسكي برقية شكر لدور العرب، لكن فاجأ الجميع بحضوره شخصيا لشرح الموقف الاوكراني من التغيرات والمشاكل التي تعيشها المنطقة. فوصل الى السعودية بطائرة فرنسية ترافقها طائرات عسكرية لحمايتها، يؤمنها الاتحاد الاوروبي خوفا من الاعتداء عليه من قبل الروس. ولدى وصوله، اجتمع نحو 40 دقيقة مع بن سلمان بعيدا من الاعلام، كما تسنّت له فرصة لقاء عدد كبير من الرؤساء العرب ليشرح لهم وجها لوجه الموقف الاوكراني من الاحداث عكس ما يصوره الاعلام العربي المنحاز بطريقة او بأخرى للموقف الروسي نتيجة عدم توفر المعلومات الصحيحة، ولاعتقادهم ان زيلينسكي يهودي ومنحاز للولايات المتحدة الاميركية متناسين ان روسيا هي من احتلت اراضي دولة مستقلة وعضو في الامم المتحدة وتحاول تغيير القانون الدولي. هذا مؤسف للعرب الذين لا يمكنهم ان يدعموا احتلال اي دولة لاخرى في وقت يعانون من احتلال في بلدانهم".

ويتابع : "جاء زيلينسكي ليؤكد على نقاط مميزة وواضحة، اولا، تحدث في الاطار العام وشرح بأنه لا يقبل الاستعمار والاحتلال وبأن اوكرانيا دولة تم الاعتداء عليها. وقال للعرب: "انتم عانيتم من الاستعمارات وتفهمون ما يعني الاحتلال"،لم يتطرق هنا الى الاحتلال الاسرائيلي أو الايراني او التركي، لأنه جاء الى الجامعة العربية ليوضح للعرب موقف اوكرانيا من الحرب الدائرة في بلاده، ولم يقم بحملة ايديولوجية ضد احتلالات او ضد اسرائيل. الامر الذي دفع بالبعض الى التقاط كلامه لأنه لم يذكر فلسطين. لكنه بالفعل ذكرها عندما قال بأن "يدنا ممدودة للسلام، كعملية السلام التي تقومون بها وتسعون اليها في بلادكم وانتم كنتم وسطاء سلام في عملية اجلاء للاسرى بيننا وبين الروس". فجاء خطابه واضحا ومقتضبا وعقلانياً. هو لا يريد ان يفتح النار على اسرائيل المنحازة كليا للموقف الروسي. علما ان مواقف زيلنسكي واضحة وتشهد له بأنه لم يقف الى جانب اسرائيل بل أغضبها خاصة في الامم المتحدة عندما صوّتت اوكرانيا لمعاقبة قاتلي المدنيين امام محكمة لاهاي ولعدم نشر الاسلحة النووية في المنطقة. هو بالتالي لم يأت الى القمة لمناقشة الاميركيين الذين دفعوا 49 مليار دولار لمساعدة دولته، بل ليؤكد ان الاحتلال واحد وبأنه سيكون الى جانب العرب في حال تحرروا منه".

ويتابع: "ثانياً، قال زيلينسكي للدول العربية بأن اوكرانيا فيها جالية قطرية اسلامية تعرضت للقصف وللاحتلال في منطقة القرم وقد احضر معه مندوبا عن هذه الجالية. هذا يعني انه يخاطب العالم الاسلامي وبأن الصراع ليس مسيحيا – مسيحيا او يهوديا – مسيحيا بل صراع على المواطنة. وثالثاً، قال: لا تخافوا على الامن الغذائي الذي تهددكم به روسيا، اوكرانيا ستضمن لكم الوصول اليه من خلال الاتفاقية عبر الامم المتحدة او الطرق الاخرى التي يؤمنها الاتحاد الاوروبي. ورابعاً، تحدث بوضوح وقال للعرب: لا نريد ان نكون في سجن كبير كما حصل في دولكم العربية حيث عبثت روسيا في سوريا والعراق واليمن وليبيا والآن في السودان. اخذ عليه بعض العرب بأنه لم يذكر مشاكلهم ولم يؤكد على قضية فلسطين كي يكسب جمهوره. لكن زيليسكي لم يحضر ليكسب الجمهور العربي بل ليقول الحقائق امام الدول العربية. وخامساً، قال زيلينسكي بأن اوكرانيا مستعدة للسلام، وطرح 12 بنداً وتمنى على الدول العربية ان تناقشها وبأنه جاهز لمناقشة اي بند تعترضه. واكد لهم بأنهم دعاة سلام وفتحتم ايديكم للسلام، وهنا المقصود بهذه النقطة ان العرب وتحديدا السعودية صاحبة دعوة الارض مقابل السلام لاسرائيل عام 2002.

ويضيف العزي: سادساً، شكر وساطة العرب وتحديدا السعودية على الوساطة الناجحة بين اوكرانيا وروسيا وتم اطلاق سجناء اوكران معتقلين لدى الروس".

يشير العزي الى ان "زيلينسكي مرّر رسالة واضحة جدا كرد على الالتباس الذي أعلنته روسيا بان مصر ستزود روسيا بسلاح، ورد على الاسد الذي اعترف بالاقضية الاربعة التي ضمتها روسيا وارسل جنودا للمقاتلة الى جانب روسيا، فقال: قد لا يعجب كلامي احد في القاعة او يتفق معه لكن هذه حقيقة لا يمكن لأحد انكاره بأننا نعاني من احتلال ومحاولة طمس هوية، هذا المحتل لن يغلبنا طالما بإمكاننا ان نخرج ونعلن عن هويتنا".

ويؤكد ان "زيلينسكي لم يأتِ الى القمة لمشاجرة سوريا او مصر كأنه الدولة العربية الـ 23، او ليحارب تركيا او ايران التي لم يوجّه نداء ضدها من القمة رغم انها تسلّح روسيا بطائرات وصورايخ، بل جاء ليطرح موقف بلاده. وبالتالي لما المطلوب منه مهاجمة اسرائيل من هذا المنبر، لديه خلاف يخوضه مع اسرائيل إنما بطريقته الخاصة، لذلك لم يستخدم الايديولوجيا في التحالفات. ثم مَن قال ان القمة العربية جاءت لتحتضنه، إنما هي اعطته فقط منبرا ليتكلم. والملفت في هذه القمة ان الصين والاتحاد الاوروبي وروسيا والولايات المتحدة لم تدعَ، انما اقتصرت الدعوة على منظمة المؤتمر الاسلامي ومنظمة المؤتمر الافريقي. ودعيت اوكرانيا نتيجة امرين، الاول الاحتلالات، وهي رسالة يوجهها العرب للاميركيين والروس بأن "الاحتلالات واحدة وموقفنا واحد منها، لا نستطيع الوقوف لا مع روسيا ولا مع اوكرانيا لأن لدينا دولة محتلة"، وثانيا رسالة للاميركيين بأن "العرب ليسوا مع الروس والعكس صحيح، ونمارس سياستنا الواضحة". لهذا السبب ارسل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين رسالة للقمة العربية ودعا فيها الى تعميق التحالفات. في المقابل قال بن سلمان في كلمته: "لا نريد الاحتضانات، بل تنفيذ الاتفاقات". وكأنه يقول لبوتين: "لا أريد خطابات بل ان تدعم عودة النازحين السوريين وإخراج ايران من سوريا". ويقول للاميركي "لست ضدك، بل أريد منك ان تنفذ في اليمن"، وللاسرائيلي: "الاحتلال واحد، نحن طرحنا قضيتنا للسلام، وإذا لم توافق في عملية السلام فلن تستطيع ان تعيش بيننا". وجّه رسائل في جميع الاتجاهات".

ويختم: "تلقى بوتين ضربتين في هذه القمة، الاولى ان زيلينسكي حضر وتكلم مع القادة العرب والجمهور العربي ونقلت كلمته مباشرة، والثانية عندما ارتكب وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف خطأ في الامم المتحدة في 25 ايلول حينما قال بأن روسيا لا تمانع المساعدة في حال طلب طرف من الصراع السوداني مساعدة فاغنر. اليوم رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان شارك في القمة العربية وأقال قائد قوات الدعم السريع من نيابته وعين نائبا وقائدا للجيش ونائبا بالامانة العامة للعملية الانتقالية. اربعة عمليات طوّق بها الاميركيين برضى العرب جميعهم، وبذلك يؤكد الاميركيون والسعوديون بأن الدعم السريع تنظيم ارهابي ومتفلّت، وتلقت روسيا بهذا ضربة عندما قالت بأنها تسعى لفتح بلادها لتكون منصة لحل الازمة السودانية بين الاطراف المتصارعة. أما بالنسبة الى ردّ بوتين، فالاكيد ان العرب لن يقفوا مكتوفي الايدي".

آخر الأخبار
GMT

آخر الأخبار
GMT