• رداً على

رداً على "الاخبار": الانتخابات النيابية أكبر استطلاع

(المنبر - ماريو ملكون )

شارك هذا الخبر

طالعتنا الصحيفة المتخصصة ببثّ الاضاليل والفبركات ونقل الرسائل المعلّبة والملغومة والمُسمّاة "الاخبار"، في تاريخ ٢٠ أيلول ٢٠٢٢، بمقالٍ أقلّ ما يُقال فيه أنّه مدجّج بأوهام الغرف السوداء التي "لم تبلع بعد" نتائج الانتخابات النيابية العامّة والتي ترجمت إرادة اللبنانيين بشكل عام والمسيحيين بشكل خاص في أرقامٍ واضحة مباشرة لا لُبس فيها.

إستندت الصحيفة عن سابق تصوّر وتصميم على جملة من المغالطات والتناقضات، سعت أن تُبعد الاضواء عن شوائبها بعنوان فضفاض، "استطلاع ITS يشمل ١٠ آلاف مستجوب: جبران باسيل الأكثر شعبية للرئاسة"، أرادته مهنياً فبانَ معلّباً، لذا وحرصاً منّا على خيارات الشعب اللبناني الذي انتفض على أرباب التضليل ومصادرة الخيارات، لا بُدّ من التفنيد التالي:
أولاً، عمدت "الاخبار" إلى عرض استطلاع للرأي حول الانتخابات الرئاسية بشكل أقلّ ما يُقال فيه مضاد لأيّ معايير مهنيّة وأصول علميّة يستوجب إرفاقها مع نشر وبثّ وتوزيع الدراسات الاحصائية حيث تمنّعت عن تسمية الجهة التي طلبت اجراء استطلاع الرأي ودفع كلفته، طريقة اختيار العينة المُستَطلَعة وتوزيعها جغرافياً وديمغرافياً واجتماعياً، النّصّ الحرفي للأسئلة المطروحة، كما النتائج التفنيدية وهوامش الخطأ.
ثانياً، تبيّن أنّ الاستطلاع الذي نُشِرَ تمّ عرضه بشكل مجتزأ ومغاير للواقع حيث تمّ ابراز صفحة واحدة من الدراسة وتغييب عشرات الصفحات مع ما تتضمّنه من أرقام ومضامين إحصائيّة، في تشويه متعمّد للمضمون، بقصد إظهار مَن فقد شعبيّته مسيحياً ووطنياً على أنّه يتربّع أولاً في خيارات اللبنانيين، وهو ما لا يمتّ للحقيقة بصلة بأيّ شكل من الاشكال.
ثالثاً، استندت صحيفة "الممانعة الصورية" على جزء مجتزأ من الاستطلاع لتعتبر أنّ النائب باسيل هو الاكثر شعبية للرئاسة، في حين أنّها بنت خلاصتها الاعلانية على مرحلة واحدة فقط من مرحلتين قام عليهما الاستطلاع، حيث أنّ الثانية والتي ترتكز على النظرة الشعبية لتقييم مدى مطابقة الشخصيات التسعة للصفات الرئاسية قد بيّنت أنّ رئيس "الوطني الحر" حلّ في المرتبة الأخيرة في خيارات الفئات المستطلعة وهو ما يتطابق مع نتائج الانتخابات النيابية التي أظهرت تراجعاً حاداً له ولتياره في كلّ المناطق اللبنانية.
رابعاً، إنّ ما أوردته الصحيفة عن اختلاف العيّنة المستطلعة بين المرحلتين الاولى والثانية كما الفارق الشاسع في النتائج بينهما، يُحتّم منطقياً عدم إمكانية الاستناد على الاستطلاع لاستنباط حقيقة خيارات الرأي العام رئاسياً، خاصة أنّ العينة المنتقاة قد بلغت عشرة آلاف فرداً على تسع مناطق، في حين أنّه لم يمرّ على الانتخابات النيابية سوى خمسة أشهر حيث اقترع في هذه المناطق التسعة مئات آلاف اللبنانيين، وبالتالي يُمكن تلمّس حقيقة موقف الشعب اللبناني من الشخصيات والقوى السياسية بشكل دقيق بالاستناد إلى وجهة اقتراعهم السري والمباشر في الانتخابات النيابية عوض ذاك الانتقائي وغير المباشر في استطلاع عشوائي.
خامساً، غاب عن بال الصحيفة أنّ الاستطلاع الذي عرضته لم يشمل مناطق لبنانية عدّة وهي أقضية المنية، الضنية، زحلة، البقاع الغربي، راشيا، بعلبك والهرمل، وبالتالي فإنّ اعتبار نتائجه تمثّله خيارات اللبنانيين هو انتقاص غير مقبول لمناطق وفئات شعبية من صلب النّسيج اللبناني.
سادساً، أرادت الصحيفة التي تأتمر بحزب الدويلة أن تُظهر النائب باسيل كمرشّح رئاسي أوّل لدى اللبنانيين، ليس حُباً به بل استثماراً لاسمه وتيّاره لتسويق تقدّم مرشّح الممانعة والمشروع الايراني محلياً، وهو ما يتناقض تماماً مع الوقائع، حيث أنّ باسيل أيّ ممثّل الدويلة والذي نال وفق الاستطلاع ٢٣٪؜ قد قابله ما يفوق نسبة ٦٥٪؜ من الشخصيات التي تدور بفلك مشروع الدولة والمؤسسات، ما يعني أنّ خيار "الحزب" الرئاسي كائناً مَن كان اسمه هو ساقط شعبياً بشكل تام ومطلق.
سابعاً، إنّ عدم نشر عدد المستطلعين في كلّ منطقة، يدفعنا إلى تقسيم العدد الاجمالي بالتساوي على المناطق التسعة، ليتبيّن أنّ قرابة ١١٠٠ مُستَطلَع كمعدّل وسطي قد تمّ استجوابهم في كلّ منطقة، فهل من المهنيّ أن يُبنى تحليلاً صحفياً على استفتاء ١١٠٠ مواطن فقط في قضائيّ كسروان جبيل معاً للقول أنّ باسيل يتصدّر، دون ذكر نتائج الانتخابات النيابية الاخيرة التي جرت في هذه الدائرة حيث شارك ١٢١٦٩٣ مقترعاً وحلّت "القوات اللبنانية" في المرتبة الاولى وقد كانت قاب قوسين من حصد المقعد الثالث فيما احتاج "الوطني الحر" إلى تحالف انتخابي ذمّي مع ثنائي السلاح اللاشرعي لتأمين فوزه بالمقعد الثاني؟
ثامناً، استغربت الصحيفة كيف ينال الدكتور سمير جعجع نسبة ٢٠٪؜ من أصوات الطرابلسيين، وكأنّها أرادت الدّوس على خيارات أهالي عاصمة الشمال في الانتخابات الاخيرة والذين منحوا صدارة التمثيل المسيحي لمرشّح "القوات" وابن المدينة النائب الفائز الياس الخوري (٣٤٢٦ صوتاً تفضيلياً) بفارق ١٢٠٠ صوتاً عن أقرب منافسيه من التيارات والاحزاب المسيحية.
تاسعاً، كشف الجزء المجتزأ من الاستطلاع أنّ الدكتور جعجع قد نال ٢٥٪؜ من الفئة المستطلعة في أقضية البترون، بشري، زغرتا والكوره مقابل ٢٠٪؜ للنائب باسيل، في حين أنّ الانتخابات النيابية قد بيّنت أنّ "القوات" قد حصدت بقوّتها الذاتية ثلاثة مقاعد نيابية (٣٩٨٤٤ صوتاً) وكانت جد قريبة من تحقيق الحاصل الرابع، بينما احتاج "التيار" (١٥٦٥٠ صوتاً) للتحالف مع الحزب السوري القومي لتأمين الفوز بالمقعد الثاني، ما يُثير علامات الاستفهام حول حقيقة نسب الاستطلاع وتوزّعها بين الطّرفين.
عاشراً، نال باسيل في الجزء المنشور من الاستطلاع ما نسبته ٢٨٪؜ ضمن أقضية بعبدا، عاليه والشوف، مقابل ٢٤٪؜ لجعجع، في حين أنّ الانتخابات النيابية قد بيّنت التفوّق الشاسع لـ"القوات" على "التيار" في الاقضية الثلاثة، حيث كان بإمكان "الجمهورية القوية" أن تؤمّن فوز نوّاب تكتّلها الأربعة بمفردها بينما كان سيخسر "لبنان القوي" ثلاثة مقاعد ويكتفي بمقعد يتيم لو خاض الانتخابات دون رافعة قوى المحور السوري الايراني، ما يدفع لمزيد من التساؤلات حول مدى انعكاس نتائج الاستطلاع لتوجّهات الرأي العام.
أحد عشر، من الاشمئزاز في مكان أن تتمادى وسيلة إعلامية مكتوبة ومَن خلفها باستغباء عقول اللبنانيين، فتصف مَن سقط في عقر داره "البترون" على أنّه مرشّح رئاسي أوّل للبنانيين، فحين أنّ المعارضة الشعبية الساحقة التي يواجهها قد شملت كافّة المناطق اللبنانية، حيث تراجع بين عاميّ ٢٠١٨ و٢٠٢٢ بالاصوات التفضيلية كالتالي: في صيدا جزين من ١٢٩٩٤ إلى ٩٢٧٠، في جبيل كسروان من ٣١٦٠٤ إلى ٢١٧٢٦، في المتن من ٢٠٤٣٩ إلى ١٩٥٦٩، في بعبدا من ١٧٥٤٤ إلى ٨٤٥٧، في الشوف عاليه من ٢٥١٥٠ إلى ١٥١٩٤، في طرابلس من ٦٧٥ إلى لا شيء، في عكار من ١٦١٠٢ إلى ١٤٧٤٠ وفي بشري زغرتا الكوره البترون من ٢٠٧٢٨ إلى ١٤٧٥٢.
أخيراً، إنّ المحاولات المتعمّدة والمتكرّرة لصحيفة "حزب الله" وكلّ أشباهها في الاعلام الاصفر لاسقاط نتائج الانتخابات النيابية الدستورية وتشويه خيارات اللبنانيين وضرب صوت المسيحيين ومحاصرة الممثّل الاوّل للرأي العام المسيحي، بعد كلّ المساعي لثقل "ممثّل زور" للمسيحيين عبر تعويمه بعدد من المقاعد النيابية، لن تُغيّر من الواقع بشيء ولن تجعل من مشروع الدويلة خياراً لهم لو مهما بلغت الاثمان، وما كلّ القراءات والخلاصات التحليلية سوى أكبر برهان على الخيار السيادي للبنانيين وتحديداً للمسيحيين، حيث تبقى أرقام التصويت الدستوري للمقترع اللبناني هي الاستطلاع الاكبر والحكم النّهائي الشرعي، حيث بيّنت "الدولية للمعلومات" نيل قوى المشروع السيادي والتغييري ما مجموعه ٦٧٪؜ (٣١٪؜ للقوات) من أصوات المقترعين المسيحيين مقابل ٣٣٪؜ (٢١٪؜ للتيار) لقوى مشروع الدويلة والسلاح والفساد والعتمة والحروب والفقر والموت.

آخر الأخبار
GMT

آخر الأخبار
GMT