• طريق 15 أيار تساؤلات بلا إجابات

طريق 15 أيار تساؤلات بلا إجابات

(صحيفة الجمهورية)

شارك هذا الخبر

إتفقت مختلف الاطراف والقوى السياسية، كلّ من منظورها، على أنّ مصير لبنان يتوقف على نتائج الانتخابات النيابية. وعلى هذا الاساس توحي هذه القوى بأنها قد سَخّرت إمكانياتها وكلّ أدوات التعبئة والشحن والتحريض التي تملكها، في خدمة التنافس المحموم خلال يوم تصفية الحساب فيما بينها، في 15 ايار.

على انّ هذه اللازمة التي تربط المصير بالانتخابات، والتي باتت تتردّد يومياً في الملاعب والجلسات والساحات الانتخابية العائدة لهذه الاطراف، تترافق مع انعدام كلّي في رؤية ما ستكون عليه صورة البلد في 15 ايار، إذ ليس من بين هذه الاطراف جميعها مَن يملك تأكيداً جازماً بحصول الانتخابات في موعدها. وما يزيد من انعدام الرؤية، موقف السلطة المعنية بهذا الاستحقاق، التي ما زالت تقارب الانتخابات كاستحقاق يجب ان يحصل. في لغة أقرب الى التمني، تفتقد الى الحسم اليقيني بأن صناديق الاقتراع ستفتح في 15 أيار؟!

واذا كان عقد اللوائح الانتخابية قد اكتمل، وباتت جاهزة للنزول الى حلبة التنافس في ايار المقبل، الا انّ الفترة الفاصلة عن يوم الانتخابات مفروشة بعلامات استفهام واسئلة حول مصير الاستحقاق.

واذا كانت الاطراف السياسية والرسمية تحاول ان تؤكد انّ الجانب السياسي لا يشكل عقبة امام اجراء الانتخابات في ظل التسليم الكامل بوجوب اجراء الانتخابات، وعدم قدرة اي طرف على التعطيل، فإنّ مصادر مواكبة للتحضيرات الانتخابية تؤكد عبر «الجمهورية» على «ان تركيز المشككين بإمكان اجراء الانتخابات مُنصَب على ثلاثة احتمالات:

الأول، معيشي، في ظل كلام غير بريء ما زال يطلق في الكثير من الاوساط، وينسج روايات ويخوّف من سيناريوهات مُرعبة قد تعيد إشعال الشارع بطريقة غير مسبوقة، اولى ضحاياها الانتخابات.

الثاني، تقني ومالي ولوجستي واساسي وجوهري، فالانتخابات لا يمكن ان تحصل ان لم تكن كل ادواتها مُنجزة، واذا ما سلّمنا انّ التجهيزات والقرطاسية وما اليها جاهزة، فماذا عن العامل الاساس وهو الكهرباء، فالانتخابات بالحد الادنى تتطلب تغذية 24 على 24 في كل المناطق التي تحوي مراكز وأقلام اقتراع، بدءًا من ليل 14 ايار ولغاية 16 ايار، اي الى حين انتهاء عمليات فرز الاصوات. فهل في الامكان ان تجري انتخابات بلا كهرباء؟ ومن اين ستتأمّن الكهرباء في ظل الافلاس الكهربائي الذي يعانيه لبنان؟ وهل في مقدور وزارة الطّاقة أن تؤمّن الكهرباء لمراكز الاقتراع، وكيف؟ ومن أين؟ هل ستستعين بأصحاب المولدات؟ فمَن سيدفع الكلفة، وكيف؟ ومن أين؟

الثالث، تقصّد الحديث في اوساط سياسية مختلفة عن حسم مُسبق لنتائج الانتخابات، وترويج اكثرية موصوفة لـ«حزب الله» وحلفائه في المجلس النيابي الجديد، ما يعني التحكّم بالحكومة الجديدة وانتخابات رئاسة الجمهورية في الخريف المقبل. فهل هذا الترويج عامل مسهّل للانتخابات؟ ام أنه فتيل سيتمّ إشعاله في لحظة معينة لتطيير الانتخابات، خصوصاً ان هذه النتيجة إن صحّت، فهي مُحبطة لقوى خارجية وداخلية ارادت الانتخابات فرصة لإحداث تغيير انقلابي في الخريطة النيابية، يفرز ادارة سياسية جديدة للبلد على أنقاض الادارة السياسية الحالية المتهمة بإغراق البلد في وحول الازمة؟

وفي السياق، ابلغت مصادر حكومية الى «الجمهورية» قولها: إنّ التحضيرات ليوم الانتخابات تجري في مسارها الطبيعي. ولم تتأثر بالتحليلات والتفسيرات التي يجري إسقاطها على المشهد الانتخابي، وتزرع شكوكاً حول امكان إجراء الانتخابات.

واكدت المصادر انه بمعزل عن دقة هذه التحليلات والتفسيرات أو عدمها، الا انها مسيئة ومُربكة للواقع الانتخابي، لكنها لن تتمكن من تعطيله. وقالت: ليس خافياً على احد انّ هذه الشائعات نابعة من قراءات سوداوية للواقع اللبناني تفترض قدوم البلد على سيناريوهات دراماتيكية على المستوى المعيشي وغير ذلك، وكذلك هي نابعة من هواجس دفينة لدى بعض الاطراف التي لا تريد انتخابات تُمنى بهزيمة موصوفة فيها. خلافاً لكل حساباتها وتقديراتها التي رَوّجتها على مدى اكثر من سنتين بأنّ النصر سيكون حليفها.

ولفتت المصادر الى انه بمعزل عن كلّ ذلك، فإنّ الحكومة ملتزمة اجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ووزارة الداخلية أنجزت ما عليها، والجهوزية كاملة لبلوغ يوم الانتخابات في جَو من الهدوء والاستقرار.

ورداً على سؤال عمّا إذا كان إجراء الانتخابات محسوماً، قالت المصادر: الحكومة تقارب الاستحقاق وكأنّه حاصل حتماً. وهذا هو قرار الحكومة، وستبذل أقصى جهد مستطاع لنزع وإزالة اي عراقيل او مطبّات مانعة لإجراء الانتخابات. وكما سبق واكدت الحكومة، فهي ملتزمة اجراء الانتخابات، وجهوزيتها باتت في ذروتها. واذا كانت هناك نوايا تعطيلية، فهذا يعني ان ثمة من يريد خراب البلد اكثر، خصوصا ان الجميع يدركون ان تعطيل الانتخابات سيترتّب عليه نتائج كارثية، ويدخل البلد في مجهول لا يعلم أحد ماذا يخبّأ للبنان واللبنانيين فيه».

الى ذلك، اكد مرجع سياسي مسؤول لـ«الجمهورية»: إنني أميل الى الاعتقاد بأنّ نسبة اجراء الانتخابات اعلى بكثير من عدم اجرائها. ومع ذلك في حالتنا الراهنة، وفي هذه «الخبيصة السياسية» غير المفهوم أوّلها من آخرها، اعتقد انّ القلق على الانتخابات واجب. لأنّ هناك متضررين منها، ولا احد يعلم ما يمكن أن يُسحب من الجعَب المخفيّة، في آخر لحظة.

واكد المرجع عينه انه «قبل ان نسأل عن تعطيل الانتخابات، يجب ان نسأل عمّن يستفيد من هذا التعطيل، انا أجزم ان لا طرف داخلياً له مصلحة في تعطيل الانتخابات، حتى لو كانت نتائجها على غير ما يشتهي». وقال: كلنا مستفيدون من الانتخابات الرابحون والخاسرون على السواء، لأنها يمكن ان تشكل فرصة لعودة الاستقرار واعادة وضع لبنان على سكة الانقاذ. ومن هنا الانتخابات يجب ان تحصل في موعدها، وتعطيلها خطيئة قاتلة لا تغتفر. وتبعاً لذلك على الجميع، اذا كانوا حريصين على البلد، ان يقاربوا الاستحقاق الانتخابي وفق مبدأ حاسم عنوانه العريض تعطيل الانتخابات ممنوع».

ولدى سؤاله: وإذا لم تجرِ الانتخابات؟ اكتفى المرجع بالقول: العوض بسلامتك؟

في هذا الوقت، أبلغت مصادر تصنّف نفسها سيادية الى «الجمهورية» تأكيدها أن الطرف الوحيد الساعي الى تعطيل الانتخابات هو «حزب الله»، مشيرة الى انّ اتهام القوى السيادية والتغييرية بالسعي لتعطيل الانتخابات هو اتهام وَقح من قبل أطراف تحاول ان تغطي هروبها من الانتخابات بمحاولة إلصاق تهمة السعي الى التعطيل بالقوى السيادية. وقالت: نحن ماضون في المعركة مع حلفائنا، ونحن على ثقة بأنّ «الامر الواقع» القائم حالياً لم يبق على ما هو عليه».

في المقابل، أكت مصادر «حزب الله» لـ«الجمهورية» اننا «سبق وأكدنا وكرّرنا انّ «حزب الله» أكثر المستعجلين على الانتخابات في موعدها، فنحن لسنا قلقين كغيرنا منها، بل بالعكس نحن متحمسون لإجرائها، فنحن نثق بجمهورنا، مشكلة غيرنا انه خَدع جمهوره وركب موجة حراكاته، والنتيجة حصدها باكراً بأنّ هذا الجمهور انكفأ عنه.

وعن اتهام الحزب بالتعطيل، قالت المصادر: نحن نتوقع كلّ شيء من خصومنا، اتهامات بالتعطيل وحول اي شيء، فهذا ليس غريباً عليهم، هذه طبيعتهم وهكذا اعتدنا عليهم. أما ما يخصّنا، فنحن على موعد مع جمهورنا في 15 أيار، واما من يسعى الى التعطيل فليحاول ما شاء، وليتهم ما شاء، ففي النهاية لن يحقق شيئاً».

في هذه الاجواء، ابلغت مصادر ديبلوماسية من باريس الى «الجمهورية» ما مفاده انّ الملف الانتخابي في لبنان محل متابعة ورصد على مستوى دول الاتحاد الاوروبي، وعكست ارتياحاً لمسار التحضيرات الجارية، والالتزامات الرسمية بإنجاز العمليات الانتخابية في موعدها.

ورفضت المصادر «الاتهامات التي تسوقها اطراف لبنانية بحق اطراف دولية تتهمها بالسعي الخفي الى نسف الانتخابات في لبنان كونها لن تحقق النتائج المرجوة منها، ولن تحدث التغيير الذي رُفع لواؤه منذ 17 تشرين الاول 2019، بل ستعيد اكثرية جديدة لمصلحة «حزب الله» وحلفائه». وقالت: بالتأكيد ان المجتمع الدولي ومن ضمنه دول الاتحاد الاوروبي وقف الى جانب الشعب اللبناني، ويريد ان تراه يخرج من الازمة التي تعصف بلبنان، وهو بالتالي ليس معنياً بكل ما يُقال من هنا او هناك، بل ان ما يعني اصدقاء لبنان هو انه امام فرصة جدية لإعادة ترتيب وضعه الداخلي والانتقال الى سكة الخروج من الازمة، عبر انتخابات تجري في موعدها وشرطها الأساس النزاهة والحياديّة وعدم ممارسة اي ضغوط على الشعب اللبناني. وتنبثق عنها حكومة جديدة تأخذ على عاتقها الايفاء بالتزامات لبنان بإجراء الاصلاحات ومكافحة الفساد.

آخر الأخبار
GMT

آخر الأخبار
GMT