• جعجع : قرارنا بعد تثبيت موقف باسيل

جعجع : قرارنا بعد تثبيت موقف باسيل

(جريدة النهار - )

شارك هذا الخبر

يقف رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع على أعلى قمّة التطوّرات فيواكبها عن كثب باحثاً عن ومضة تحوّل إيجابيّ، رغم يقينه أنّ الغيوم الداكنة المخيّمة على هضاب السياسة وواقع الدولة اللبنانية ليست مجرّد سحابة هشّة. يرصد الأجواء محاولاً تحريك الغيث درءاً لاستمرار قحولة المراوحة من موقعه المُعارِض: مفاوضات جارية لهدم جدار عرقلة استحقاق الرئاسة، الإضاءة على فحوى توصيات قمّة جدّة، تأكيد ضرورة تعيين حاكم جديد لمصرف لبنان… ولكن، “على من تقرأ مزاميرك يا داود؟” كاستنتاج أقرب أن يكون نتيجة مستشعَرة للحراك الذي يتابعه جعجع حتى اللحظة، ما دام ما يتلقّفه لا ينبئ بانحسار الخَلاء الجاف المسيطر على الأجواء المحلية منذ سنوات. وباستثناء بعض الندى السياسي الملحوظ على مستوى تطورات الرئاسة في ظلّ حراك المعارضة، لكان الشغور على كافة الصعد أكثر خشونة.

ومن هنا، يبدأ حديث “النهار” مع رئيس “القوات” الذي يميّز بين نوعين من المعلومات المتعلّقة بالاستحقاق الرئاسي: “في ما يتعلّق بالمعطيات الأولى، فإن ثمة ماكينات تضخّ مزاعم باستمرار انطلاقاً من تمنّيات معيّنة لمحور “الممانعة” غير مرتكزة على نقاط واقعية، بل زاعمة أنّ اجتماع اللجنة الخماسية ونتائج القمة العربية تبني آمالاً لجعل مرشّح “حزب الله” الرئاسي حاضراً على الساحة. لكن هذه التحليلات لا تؤخذ في الاعتبار وليس في الإمكان اعتبارها فعلية. وهناك البعض الآخر الذي يربط انتخابات الرئاسة اللبنانية بالانفراجات الحاصلة بين السعودية وإيران وانعكاسها إيجاباً، وهذه كلّها اعتقادات أيضاً تصبّ في سياق التمنيات وتغطية السموات بالقبوات”. أما النوع الثاني من المعطيات التي تبلّغها جعجع كمسألة جديدة ومستجدّة من بعض أوساط المعارضة، فتشير إلى “تبنّي النائب جبران باسيل ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور للرئاسة الأولى؛ لكن بعض الضياع القائم على مستوى “التيار الوطني الحرّ” لا يزال يضيّع المسألة في كليّتها، فيما المفاوضات حاصلة بين أطراف من المعارضة – وليس “القوات” – وبين باسيل. وتقول هذه القوى المعارضة إنه بعد أخذٍ وردّ استمرّ طيلة الأسبوع الماضي، اتخذ باسيل قراره خلال الساعات الماضية في السير بأزعور (بين ليل الخميس وصباح الجمعة). لكنني أطرح شخصياً علامات استفهام حتى أشاهد باسيل في المجلس النيابي ويقترع لمصلحة أزعور للتأكد جديّاً من المسألة”.


وفي الإشارة إلى الأسباب المحتّمة إمكان استقرار بوصلة الترشيحات على أزعور من الفريق السيادي، يقول جعجع إن “لدى أطراف المعارضة الآخرين اعتباراتهم للسير بأزعور. وفي ما يتعلّق بـ”القوات اللبنانية” فإذا صحّت المسألة عندها يجتمع تكتّل “الجمهورية القوية” ويناقش الموضوع وما يمكن فعله على ضوء النظرة للأفضل للبلاد، لكن لا إمكان لاتخاذ قرار نهائي قبل التأكّد من المعطيات؛ وحتى اللحظة لا تأكيدات. فإذا صحّ ما أكدته بعض أطراف المعارضة بأن جبران باسيل مضى بجهاد أزعور فإن مسألة انتخابات رئاسة الجمهورية تكون قد حُلّت عملياً في انتظار تعيين جلسة انتخاب في ظلّ غياب القدرة على المناورة طويلاً. وإن لم تصحّ هذه المعطيات مع إصرار محور “الممانعة” على مرشحه وغياب اتخاذ باسيل لموقف رئاسي، فمن أين الإتيان بأكثرية صغيرة لانتخاب رئيس للجمهورية؟ وتالياً، البقاء في الفراغ خلال الوقت الحاضر”.

وإن كانت المناورة العسكرية التي أجراها “حزب الله” قبل أيام في الجنوب، ليست بعاملٍ ملوّح بحلول ممكنة رئاسياً، فإن المسألة أكبر من ذلك بكثير وأخطر من ذلك بكثير، بحسب تأكيد رئيس “القوات” الذي يقرأ أنها “متعلّقة بوجود البلد ككلّ. لم يعد مسموحاً أن يصادر فريق من اللبنانيين قرار الدولة اللبنانية وإرادة بقيّة اللبنانيين وأن يأخذهم رغم إرادتهم إلى مكان لا يريدون الذهاب إليه. وأشكّ في حدوث متغيّرات على المستوى اللبناني بدليل أكبر هو المناورة التي استجدّت بعد قمة جدّة والتفاهم السعودي الإيراني وبعض أجواء الانفراجات الحاصلة على مستوى المنطقة. لم تترك قمة جدة أي أثر على المجريات اللبنانية، ولا بدّ للبنانيين من أن يعتادوا على حلّ مسائلهم بأيديهم وأن يدركوا أن المناورة الحاصلة مؤثرة عليهم وعلى مستقبلهم ووجودهم ومعيشتهم ومتنفّسهم؛ وما يحصل ليس مقبولاً بشتّى المقاييس”.

وفي سطور الردّ على سؤال عن موقع لبنان من الاتفاق الإقليمي والقمة وتطورات المنطقة، يلفت جعجع إلى أن “لبنان لم يكن ولن يكون حاضراً، قبل أن يكون موجوداً على أرضه. ليس في الإمكان أخذ مجتمع في الاعتبار بغياب دولة تمثّله. ولا بدّ من دولة سيّدة حرّة ومستقلّة فعلاً حتى يكون لبنان موجوداً في القمة العربية أو في المحافل العربية والدولية الأخرى… لبنان ليس موجوداً، بكلّ صراحة وبكلّ أسف”.


وإلى ذلك، يكشف جعجع عن محاولته الإضاءة على ضرورة تعيين حاكم جديد لمصرف لبنان، بقوله إنه “كان من الطبيعي فعل شيء بعدما ظهرت أولى بوادر إصدار حكم معيّن على حاكم مصرف لبنان الحالي واستدعائه إلى التحقيقات المحلية والدولية وصدور مذكرة توقيف دولية بحقّه. وقد حاولتُ شخصياً البحث عن حلول مع الحكومة الحالية انطلاقاً من ضرورة أن يكون لديها النيّة لتعيين حاكم أصيل للمصرف المركزي وسط الظروف الحالية القصوى لمعرفتي بحساسية موقع حاكم مصرف لبنان ودقّته وقدرته على تخفيف الصعوبات المعيشية التي يعيشها اللبنانيون”. ولكن تبيّن لجعجع أنه “(فالج لا تعالج) ما دام لدى أحزاب “الممانعة” و”التيار الوطني الحرّ” الثقل الذي يحوزونه وليس في الإمكان انتظار أي متغيّر إيجابي في لبنان باعتبار أن هذا التحالف الجهنّميّ يُمطر اللبنانيين بالسيّئات يومياً ولديه الكلمة الكبيرة على مستوى السلطة”. وتالياً، فإنه “بعد كلّ الايجابيات التي قمتُ بها لتُفعِّل الحكومة خطوة إيجابية في الصدد، تظهّر أنها لا تريد القيام بأي إيجابيات؛ والأسوأ أنها في حال التعيين ستذهب إلى تعيينات كما العادة والانتهاء بما هو أسوأ من الواقع الحالي المعيش. إن المجموعة الحاكمة ميؤوس منها على الإطلاق، وتتمثل المسألة الوحيدة التي ستحصل استناداً إلى التسلسل المنطقي للمسائل في تسلّم نائب حاكم المصرف المركزي مسؤوليات الحاكم”.

وفيما تدلّ هذه المؤشرات إلى تضاعف الشغور أكثر فأكثر؛ فإن جعجع يرفض “مقارنة البعض بين شغور حاكمية المركزي والشغور في موقع المدير العام للأمن العام. وإن كان من الجائز تصريف الأعمال في الأمن العام وإدارة شؤون المؤسسة كما هي؛ لكن، في مصرف لبنان هناك الكثير من المسائل التي باستطاعة حاكم مصرف جديّ فعلها لتخفيف معاناة اللبنانيين”.

وما بين الشغور الرئاسي وموقع حاكمية المركزي والمخاوف من استمرار ضرب مفاصل النظام اللبناني والميثاق الوطني والمناصفة، يلفت جعجع إلى أن “الميثاق الوطني مضروب مع سيطرة “حزب الله” منذ سنوات على القرار الاستراتيجي الكامل للدولة اللبنانية ومصادرته قرار بقية اللبنانيين رغماً عنهم. ويشكّل تعطيل التحقيق في انفجار مرفأ بيروت مثالاً على كيفية التعامل مع كارثة وطنية لم يشهد لها لبنان مثيلاً سابقاً… التركيبة الحالية أثبتت فشلها الذريع، ولولا أموال المغتربين الآتية من الخارج لكانت الدولة اللبنانية فاشلة كلياً؛ ولا بدّ من القراءة واقعياً وسط حجم الأزمة اللبنانية وانهيار ما بعده انهيار بكثير من المسائل التي تحتاج إلى إعادة تفكير هادئ وبمشاركة اللبنانيين جميعهم”.

وبعد مرور سنة على تجربة الانتخابات النيابية، يؤكد جعجع أنها “كانت أفضل من لا شيء رغم أنها لم تمنح كلّ المطلوب. وإذ خسر محور الممانعة أكثريته النيابية لكن في الوقت نفسه لا أكثرية في مكان ما. ويقوم دورنا على عدم السعي لأي منصب أو موقع بل محاولة الجمع باتجاه أكثرية ما. وتُواجِهنا صعوبات كبيرة لأن أفرقاء المعارضة أتوا من مشارب مختلفة، لكننا سنُكمل والوضع الحالي أفضل من السابق. كنا نتمنى أن تقتنع فئات من المقترعين بعد أزمة السنوات الماضية ووصول الأوضاع في البلاد إلى ما آلت إليه، بأنه مع جماعة “الممانعة” لا حلول بل استمرار للواقع الحالي الذي نسعى للخروج منه. ونأمل في أي انتخابات مقبلة أن يدرك الذين اقترعوا لمصلحة “الممانعة” والفاسدين والسارقين ماذا فعلوه بأنفسهم وببقية اللبنانيين الذين اقترعوا بالشكل الصحيح وأن يصوّبوا طريقة اقتراعهم في الاستحقاقات المقبلة”.​

آخر الأخبار
GMT

آخر الأخبار
GMT